شروط التحبب 1983

Terms of Endearment 1983

تقييم الفيلم/ لاوين ميرخان/  

  غاريت (جاك نيكسلن) يغازل جارته أورارا في الوقت الباكر من الصباح…  

سيناريو و إخراج: جيمس إل. بروكس

السيناريو مقتبس من رواية Terms of Endearment من تأليف: لاري مكميورتي

بطولة: شيرلي ماكلاين, ديبرا وينغر, جاك نيكلسن, جيف دانيال, داني ديفيتو و جون ليثغو

تصوير سينمائي: آندرزي بارتكويك

مدة الفيلم 129 دقيقة

التعليق النقدي

بقلم لاوين ميرخان

يركز فيلم Terms of Endearment 1983  على علاقة الأم بأبنتها بين أورارا غرينواي (شيرلي ماكلاين) و أبنتها الوحيدة إيما (ديبرا وينغر) طوال ثلاثين سنة.

 يسلط هذا الفيلم الضوء على أهمية تأسيس العائلة المبنية على المحبة و التقدير و حسن التربية لأولاد ليكونوا سند لوالديهم في المستقبل. و يسلط الضوء على تفاوت دور الأمهات في المجتمع الأمريكي, مِنهن من يشغلن الوظيفة لأجل كسب المال  فيتلاشى تفكيرها في تربية الأبن بصورة صحيحة أو ربما إنها لا تفكر في الإنجاب. و مِنهن ربات منزلهن يشغلن معظم أوقاتهن في تربية أولادها, و ليس لديهن مال كاف سوى ما يجلبه أزواجهن. مغزى هذا الفيلم هو إيجاد توازن بين الحياة المهنية و المنزلية لكل عائلة أمريكية. علما إن هذه مشكلة كانت تكمن طوال عقد الثمانينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية, فكثير من النقاد أعتبروا هذا الفيلم مهم ليكون حافز قويا لمجتمع الأمريكي.

هنا في هذا الفيلم نأخذ أورارا (شيرلي ماكلاين) نموذجا من نساء أمريكا,  و هي أم لديها أبنة تدعى إيما (ديبرا وينغر), تبحثان عن الحب و الرعاية, بعد إن أصبحت إيما أمراة ناضجة تنشأ بينها وبين والدتها علاقة من نوع (الحب_الكراهية) إذا صح التعبير, ففي بعض الأوقات تتخاصمان ثم ما تلبثان إن تتكلمان بسرعة و تتصالحان.

يتكون سيناريو هذا الفيلم من السرد الخطي عن جميع مراحل حياة إيما, حيث يفتتح بطفولة إيما تخشى عليها والدتها فتبقى بقربها و حتى إنها تتأكد من إن طفلتها الرضيعة تتنفس, و هذا المشهد دليل إن أورارا كرست حياتها من أجل رعاية أبنتها الوحيدة, ثم يقفز بنا الفيلم إلى مرحلة مراهقة إيما, حيث نجد إيما جريئة تبحث عن إغراء رجال كأي فتاة تحاول جذب نظر الشباب, ثم يقفز بنا الفيلم إلى مرحلة بلوغ إيما حيث نجد إنها تزوجت من رجل ليست هي متعلمة بقدره, بروفيسور في الكلية فلاب هورتن (جيف دانيال), و هذا الفلاب رجل تبدو عليه علامات البلاهة و الغباء, فلم تكن أورارا راضية بزواج إبنتها له, لاسيما إنها طائشة و تتصرف بعفوية لا تفكر بعواقب مستقبلية.

بوستر فيلم Terms of Endearment 1983 (إيما في يمين الصورة و والدتها أورارا في يسار الصورة…)

تمر عدة السنون نجد أورارا و إيما أنفصلتا, و كل واحدة منهما مشغولة بحياتها الخاصة و  تبحث عن الرفاهية و السعادة, أورارا بقت وحدها في منزلها الواسع بعد إن تزوجت إيما فور إنهائها دراسة الثانوية العامة بينما صديقتها الطفولة باتسي (ليزا هارت كارول) قررت الذهاب إلى الكلية لتكون أمرأة مثقفة بقدر ثقافة الرجل ( يتحدث هذا الفيلم بصورة جانبية عن مشكلة بحث أمرأة إلى إن تتساوى مع رجل…!) قرر زوج إيما الرحيل إلى ولاية آيوا, فأستقروا هناك و أنجبت إيما طفلان ثم سرعان طفل آخر, و تتصل والدتهما احيانا لكي تبعث إليها بعض المال.

ينقسم الفيلم إلى مكانين في نفس الزمن: ففي الجهة الأولى نجد إن زوج إيما يغيب كثيرا عن المنزل فتضطر الذهاب لتسوق. تعرفت إيما إلى موظف البنك يدعى سام بيرنز (جون ليثغو) عندما كانت في سوبر ماركت مع أولادها و لم يكن لديها مال كاف لدفع حساب المشتريات, فدفع سام الحساب. كان سام يبحث عن علاقة جنسية لاسيما إن زوجته لا تستطيع ممارسة الجنس معه بالأوضاع التي يرغبها, فوافقت إيما إن تقيم العلاقة معه بعد إن أكتشفت إن زوجها فلاب في العلاقة مع أحدى طالبات في الجامعة.

و في الجهة الثانية نجد إن أورارا تَفرغت لوحدها أخيرا و قد حان الوقت لبحث عن العلاقة الغرامية مع رجل مناسب, في الحقيقة أنها لم تعاني من صعوبة إيجاد رجل حيث إنهم يأتون إليها  في منزلها في بعض أمسيات راغبين بالزواج منها (أو أقامة العلاقة معها بدون زواج) إلا إنها لم تتعلق في أحدهم, فخرجت مضجرة إلى خارج المنزل لتتنفس الهواء المنعش قليلا, فوجدت جارها الجديد رائد الفضاء المتقاعد غاريت بريدلوف (جاك نيكلسن) متسكعا مع فتيات لتوه رجع إلى منزله, شعرت أورارا أنه رجل مناسب لها لأنه صريح لا يخفي سجيته الحقيقة ليس كباقي الرجال عرفتهم في حياتها, علما إنها لم تتعرف إليه سابقا. دور جاك نيكلسن كان ممتعا للغاية و مساعدا في رفع من شأن هذا الفيلم كثيرا لاسيما ان دوره فيه كان مطابق لشخصيته الحقيقية, فمن الطبيعي إن يليق عليه تماما دوره في هذا الفيلم الذي يظهر فيه شخص هيبة و لبق و ذكي في إيجاد الجمل المناسبة مما جعلته زيراً النساء و محطم قلوبهم. سبق إن تحدثت في تعليقي النقدي لفيلم (الطائرات, القطارات و السيارات 1987) عن ضرورة أظهار الممثل شخصيته الحقيقية في دور معين في الفيلم بدون الحاجة لتمثيل الدور بشكل إصطناعي.

يحاول غاريت بريدلوف (جاك نيكلسن) التعرف إليها في صباح اليوم التالي, غير إنها خجلت منه و رجعت إلى منزلها لأنه طلب منها لخروج معا لتناول وجبة الغداء تلميحا لبداية العلاقة, فرفضت. بعد مرور سنوات خرجت أورارا من منزلها في الوقت المتأخر من الليل بعد ضاقت ذرعا من الرجال لطلب زواج منها (منهم من تعرفت عليه في الكنيسة و منهم جيرانها…) و ذهبت إلى منزل غاريت فأستغربت عندما وجدت بابه مفتوحا في مثل هذا الوقت ( و هذا المشهد يرمز إلى مدى صراحة غاريت و كشف على حقيقته بدون حاجة إلى لبس القناع كباق الناس) فرحب بها و طلبت منه الخروج لتناول الغداء غدا, و بعد أيام مارست الجنس معه فأتصلت في صباح اليوم التالي بأبنتها إيما لتقول لها إنها مارست الجنس مع رائد فضاء متقاعد في منزلها… و كم كانت بهجة كبيرة عندما سمعت إيما هذا النبأ السار…!

تصاب إيما بمرض مميت, فماتت في المستشفى بجانب زوجها و والدتها, تاركة زوجها الأبله مع ثلاثة أطفال. فأقيم الجنازة في حديقة خلفية واسعة  لمنزل أورارا… و هنا يظهر دور غاريت (جاك نيكلسن) الذي بدوره أظهر الحب و الحنان لأولاد إيما بعد إن وجدهم لا يسمعون كلام والدهم, فغاريت ساحر في الكلام و له أسلوب اقناع… ينتهي الفيلم بتركيزعلى أورارا المرتدية الزي الأسود  جالسة و مبتسمة ابتسامة حزينة و ممسكة بحفيدتها ميلاني.

انه فيلم جميل حقا يحاول إن يعلمنا القيم الأسرية بإطار كوميدي عائلي لطيفة مصحوب بأحداث مثيرة بما إن طاقم الممثلين كان رائعا… إذا سئلتني إن انصحك مشاهدة هذا الفيلم, فأقول لك نعم شاهده, رغم انه لا يكفي إن أضعه في قائمتي افلام قابلة لدراسة…